مستويات الإبداع الاداري
يعد الإبداع جزءاً مهماً وضرورياً في مختلف أوجه حياة الفرد اليومية، فهو جزء من أعماله اليومية، ويمكن تدريب الموظفين مباشرةً على زيادة قدراتهم الإبداعية، ففهم الموظفين لأسس العملية الإبداعية يمكنهم من تعلم الإبداع، والشخص المبدع لابد أن يكون لديه تدفق في الأفكار التي تتصف بالتنوع والندرة والغرابة.
وقد أشارت معظم الدراسات إلى مستويات الإبداع على النحو الآتي:
1.الإبداع على المستوى الفردي:
يشكل علماء النفس، وعلماء النفس الاجتماعي، وعلماء السلوك التنظيمي الغالبية العظمى ممن بحثوا في الإبداع على مستوى الفرد، وقد تمّ التركيز على خصائص الفرد الفطرية والخصائص المكتسبة، وقد قسّم الدارسون خصائص الإبداع الفردي إلى نوعين، هما:
*الخصائص الفطرية كالذكاء والموهبة.
*الخصائص المكتسبة كحل المشكلات، والعلاقات بين الأشياء، والإنتاج، وظروف المؤسسة، ونشأة الموظف وحياته، واسلوب حياة الأسرة، والحفز الذاتي للإبداع، وهذه الخصائص يمكن التدرّب عليها وتنميتها، ويساعد في ذلك ذكاء الفرد وموهبته.
إنّ الإبداع على المستوى الفردي محصلة لجهود إبداعية يتمّ التوصّل إليه من قبل أحد الأفراد، ومن السمات التي يتميّز بها الشخص المبدع: حب الإستطلاع، والمثابرة، والثقة بالنفس، والإستقلالية في الحكم، وتأكيد الذات، والذكاء، والمرونة، وحب المخاطرة، والطموح، والقدرة على التحليل.
طالع ايضا : دليل تداول الاسهم أونلاين للمبتدئين
2. الإبداع على مستوى الجماعة:
يفوق إبداع الجماعة كثيراً مجموع الإبداعات الفردية للأعضاء؛ وذلك نتيجة للتفاعل فيما بينهم وتبادل الرأي والخبرة ومساعدة بعضهم البعض، فإبداع الجماعة يتأثر كماً ونوعاً بالعوامل الآتية: الرؤية، والمشاركة الآمنة، والإلتزام بالتميّز في الأداء، ودعم ومساندة الإبداع، وتنوّع الجماعة، وتماسكها، وانسجامها، وعمرها، حيث إنّ الجماعة حديثة التكوين تميل إلى الإبداع أكثر من الجماعة القديمة، فضلاً عن حجم الجماعة، إذ يزداد الإبداع مع ازدياد عدد أعضاء الجماعة.
وترى المؤلفان أنّ الإبداع على المستوى الجماعي يحكمه عنصران، المشاركة والإلتزام، فعنصر المشاركة يشجّع الموظفين على التعبير بحريةٍ عن أفكارهم (بدون اتهامٍ مضادٍ) بحيث يعزز الإبداع لديهم، كما أنّ الإلتزام في الأداء يشجع على إيجاد مناخٍ يسمح للموظفين بتقييم إجراءات العمل والعمل على تحديثها بشكلٍ مستمرٍ.
3.الإبداع على مستوى المنظمة:
يتضمن الإبداع المؤسسي تقديم منتج جديد على شكل سلعة أو خدمة، أو التجديد في عملية إنتاج، أو توزيع هذه السلعة أو الخدمة، وهذا التعريف يشتمل على مختلف نشاطات المؤسسة ويشترط بذلك تقديم منتج جديد.
مكونات الإبداع: (Components of Innovation)
للإبداع أربعة مكونات تشمل: الظرف (المناخ)، والإنسان المبدع، والعملية الإبداعية، وأخيراً الإنتاج المبدع، وتعرض الدراسة الحالية هذه المكونات بشيءٍ من التفصيل، على النحو الآتي:
أولاً:الظرف (المناخ)
الإبداع ظاهرة اجتماعية وذات محتوى حضاري وثقافي، والفرد يصبح جدير بوصف “المبدع” إذا تجاوز أثره المجتمع وجدد المعايير العادية، وبهذا المعنى يمكن النظر للإبداع كشكلٍ من أشكال القيادة التي يمارس فيها المبدع تأثيراً شخصياً واضحاً على الأخرين (جروان,2008). كما يعرّف عبد العزيز (2006 :35) الظروف بانّها: “العوامل التي تساعد على نمو الإبداع، ومنها ما يرتبط بالمجتمع أو الشخص المبدع، ومنها ما هو ثقافي وأسري واجتماعي”.
ثانياً: الإنسان المبدع
يؤكد بعض الباحثين المتخصصين على حقيقةٍ مفادها أنّ ليس كل البشر مؤهلين ليكونوا أناساً مبدعين، لأنّ عملية إبداع فكرةٍ جديدةٍ ليست بالأمر السهل، فالشخص المبدع له متطلبات أساسية في تفكيره، وفهمه للأمور، وإطلاعه وحساسيته للمشكلات، فهو يتمتع بخصائص تميّزه عن غيره من الأفراد غير المبدعين، وتختلف هذه الخصائص باختلاف مستوى الإبداع الإداري لدى الفرد، فقد تم تحديد بعض الخصائص التي يعتبر الشخص الذي يمتلكها بأنّه مبدع، وهي كالأتي:
1.إنّ الأفراد المبدعين يكونون دوماً بعيدين عن حالة التطابق والموافقة مع الأخرين، وبالتالي لا يسلكون نفس سلوك الأخرين، ويميلون عادةً إلى الإستقلالية والتحرر، والقيام بالأعمال التي يرغبون القيام بها أو التي تحقق لهم ما يصبون إليه، وذلك من خلال إتباع الأساليب والطرق الغريبة والمختلفة عن طرق الأخرين والتي ترضي طموحاتهم.
2.إنّ الأفراد المبدعين يقيمون وزناً لقدراتهم العقلية وطاقاتهم الذهنية، وعادةً ما يرغبون في التعامل مع المواقف والحالات الصعبة وكثيرة التعقيد.
3.إنّ الأفراد المبدعين عادةً ما يكون من فئة الشباب، حيث لوحظ أنّ هناك علاقة ارتباطية بين الشبابية وصغر العمر من ناحية، والناتج الإبداعي الصادر عن الفرد من ناحية أخرى، كما تمّ الاتفاق على أنّ العمر الأكثر إبداعاً عند الفرد هو الواقع بين (30-40 سنة).
وقد أشارت العديد من الدراسات (عبد العزيز،2006؛ الدروبي، 2006
(Unsworth, Brown, & McGuire, 2000; ;Fagerberg, Mowery & Nelson, 2006 ; (Bessant & Tidd, 2007 أنّ من سمات الأفراد المبدعين أنّهم مولدون للأفكار، إذ يقومون بفحص المعارف المتاحة أمامهم، ومؤيدون لمخرجات المؤسسة، ومدراء متميّزون، وكذلك الأصالة، والحدس، والتفكير المنتج، والفضول وحب الإستطلاع، والإستقلالية، وروح الدعابة والمرح، والإنطواء الذاتي، والإنفتاح على الخبرة والمثيرات، وتقدير الذات الإيجابي، وتقبّل الذات، وتنوّع الاهتمامات والقدرات، وحضور البديهة، ومن أهم مصادر هذه الصفات: التقارير الذاتية للمبدعين، ودراسات التحليل النفسي، ودراسات القياس النفسي، ودراسات علم النفس المعرفي والاجتماعي
طالع ايضا : كيفية تجارة الأسهم | أفضل طرق الناجحة في تجارة الأسهم المالية
أمّا سمات المؤسسة المبدعة، فتتمثل بدعم الثقافة والإستراتيجية التنظيمية لعمليه الإبداع، ودعم الهياكل التنظيمية لعملية الإبداع، واحترام المؤسسات ودعمها لعملية الإبداع، ودعم الإدارة العليا في المؤسسة لعملية الإبداع، كما أنّ وصف الشخص المبدع يتناول عادةً ثلاث مجالات رئيسة وهي:
1-الخصائص المعرفية:
يتفق الباحثون عموماً (عبد العزيز، 2006 ;Fagerberg, et al, 2006; Davila, et al, 2006; جروان، 2008؛ 2009) على أنّ الخصائص المعرفية العامة للمبدعين تتلخص في الذكاء المرتفع، والأصالة، والطلاقة اللفظية، والقدرة على التفكير، والمرونة، والمهارة في اتخاذ القرار، والإستقلالية في إصدار الأحكام، والتكيّف مع الأوضاع المستجدة، والقدرة على استيعاب المواقف المختلطة أو المشوشة، وتفضيل التواصل مع الأخرين، واستخدام المعرفة الموجودة كأساس لتوليد أفكارٍ جديدةٍ، وإثارة الأسئلة المبدوءة بـ “لماذا” حول المعايير
والإفتراضات القائمة، والتنبّه للمواقف الجديدة وللثغرات في المعرفة، والقدرة على تحديد مشكلاتٍ جيدةٍ للبحث والمتابعة.
2-الخصائص الشخصية والدافعية:
يتميّز الأشخاص المبدعون بمجموعةٍ من الخصائص الشخصية والدافعية، ومن أكثرها الرغبة في التصدي للمواقف العدائية، والقيام بالمخاطرات الذكية، والمثابرة، والميل للبحث والتحقيق، والإنفتاح على الخبرات الجديدة، والإنضباطية، والإلتزام بالعمل، والدافعية الداخلية المرتفعة، والتركيز على المهمات.
3-الخصائص التطورية:
من الخصائص التطورية للأشخاص المبدعين انّهم غالباً مروا بمواقفٍ حياتيةٍ غير عادية، وعاشوا في أجواء خصبة ومشجّعة ومتنوعة، كما يوصفون بأنّهم يجدون متعةً بصحبة الكتب أكثر من المتعة بصحبة الناس، ويطوّرون عادات عمل ممتازة، ويحافظون عليها، ويكوّنون علاقات متينةً مع الزملاء، كما أنّهم يحافظون على بذل مجهودٍ كبيرٍ في ميدان تخصصهم.
أمّا المؤسسات المبدعة، فإنّ المحور الجوهري لها يقوم على منهجٍ فكريٍ يستند على قيم ومعايير وظيفية تعمل على ترسيخ الإبداع كهدفٍ تنظيميٍ متجددٍ، وإيجاد الأساليب التي تجعل العملية الإبداعية ذات قيمةٍ وظيفيةٍ تمثل قاسماً مشتركاً بين الموظفين على مختلف درجاتهم الوظيفية في المؤسسة، إنّ بيئة المؤسسة الداخلية المبدعة تتصف بوجود الإمكانات المادية، وتوفر المعلومات والخبرة المتاحة لأعضاء المؤسسة، والنظام الإداري المرن، والمناخ التنظيمي الصحي، ونظام الإتصال المفتوح، والإهتمام بأراء الأخرين والإعتراف بمساهماتهم في الإنجاز، وتشجيع التنافس بين الموظفين لدفعهم نحو التوصل إلى أفكارٍ إبداعيةٍ جديدةٍ، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للمبدعين ومشاريعهم الإبداعية.
وهناك بعض القيم والفلسفات الضمنية التي تميّز بيئة أو ثقافة المؤسسة المبدعة، ومن هذه القيم: وجود الفكرة بحد ذاتها هو الشيء المهم وليس سلطة ونفوذ الشخص الذي يقدم الفكرة، فالقرارات حول الإبداع يجب أن تستند على المعلومات والبيانات وليس الممارسات السياسية داخل المؤسسة، وإنّ الموظفين المبدعين يحتاجون إلى المساندة والإلتزام من قبل المؤسسة، فمهما كانت قدرات الشخص الإبداعية فإنّه لا يستطيع تدعيم الجهد اللازم لتقديم إبداعٍ ناجحٍ إذا ترك وحيداً دون مساندة من المديرين. وأخيراً، فإنّ القرارات يجب أن تتخذ على خطواتٍ أو مراحلٍ بحيث لا يتم الإنتقال إلى الخطوة اللاحقة قبل التأكد من نجاح الخطوة السابقة.