الغش و التدليس و أثرهما على عقد الزواج
التعامل بين الناس يجب أن يكون قائماً على الصراحة والوضوح، لتستقيم العلاقات بينهم، وتسود أجواء الثقة والاطمئنان، من هنا أكدت تعاليم الشريعة على الوضوح في أي معاملة بين طرفين، بأن يعرف كل طرف ما يأخذ وما يعطي، فلا يكون هناك جهل ولا غرر.
وفي هذا السياق حرّمت الشريعة كل ألوان الخداع والغش، واعتبرته مؤثراً على صحة المعاملة وخادشاً لشرعيتها، ضمن تفصيل تستعرضه أبواب الفقه الإسلامي.قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «لا يحل لمسلم إذا باع من أخيه بيعاً فيه عيب أن لا يبينه».
وقال أيضا: «ليس منا من غش مسلماً».
ولأن العلاقة الزوجية هي أرقى وأهم أنواع العلاقات، فينبغي أن تُبنى على أساس من الصراحة والوضوح،حتى لا تتعرض لأي اضطراب واهتزاز.
من هنا حثت التعاليم الدينية على الاهتمام بمرحلة الاختيار من قبل كل من الطرفين للآخر، حتى يكون الاختيار ضمن قيم ومواصفات سليمة، وبالاستفادة من أراء الناصحين والمخلصين، وفسحت الشريعة المجال لكل من الطرفين أن يتعرف على شخص وشخصية الآخر.
طالع ايضا : أهم 30 نصيحة لتحقيق حياة زوجية جميلة وهادئة
واستثنت الشريعة هذا المورد من دائرة الغيبة المحرمة، فحينما تكون هناك استشارة من أحد ترتبط بموضوع اختيار الزوج، فلا بد وأن يعطي المستشار المعلومات الحقيقية، ولو كان فيها إظهار لمعايب المسئول عنه، وليس في ذلك إثم ولا حرج شرعي، رغم أن ذلك داخل في إطار الغيبة موضوعاً، لأن الغيبة هي ذكر الآخر بما يكره، وإظهار معايبه. لكنها مستثناة من حكم الغيبة في هذا المورد.
ولا يحق لأحد الطرفين أن يدّلس على الطرف الآخر، بأن يخفي عنه عيباً موجوداً، أو يظهر له كمالاً مفقوداً ، فإذا كان هناك نقص ما في المرأة أو الرجل، وأخفاه أحدهما عن الآخر، وتم العقد على أساس عدم وجود ذلك النقص والخلل، فإنه يتحقق التدّليس هنا.
وكذلك لو تظاهر أحد الطرفين بصفة كمال لا يمتلكها واقعاً كالشرف والنسب والجمال والبكارة وما أشبه، وجرى العقد على أساس توفر تلك الصفة، فإن ذلك مصداق للتدّليس أيضاً.
حيث يقول الدكتور جمال خزار: “… ومن واجب كل من الزوجين عدم الإقبال على الزواج إذا كان أحدهما مصاب بمرض معد” . وعليه فبعد ظهور نتائج الفحص لكل من الخطيبين وإطلاعهما عليها وجب على كل منهما إخبار الآخر مباشرة وبدون واسطة فإن كان بينهما توافق وتكافؤ فلا يجوز لأحد أن يمنعهما من الزواج.
فالعلم بنتائج الفحص حق لكل واحد منهما أما إذا كتما الأمر وسكتا عليه كان ذلك كتما سيؤثر سلباً على علاقة الود بينهما ويقلل من ثقتهما ببعضهما البعض.كما أن الإسلام أولى عناية قصوى بأن تكون العلاقة بين الخاطبين قائمة على الشفافية والإفصاح ووجود البيان حتى يقدما على العقد بمنتهى القناعة والاطمئنان للوصول إلى الاستقرار والسكينة.